رئيس برلمان كردستان: الإقليم لا يمتلك مؤهّلات الدولة والواقع إنّ كردستان أصبحت قسمين

17/01/2017
المونيتور: بعد أكثر من عام على حادثة منعكم من دخول مدينة إربيل، التي يتواجد فيها مقرّ البرلمان الكردستانيّ، ما أسباب عدم استئناف البرلمان عمله حتّى اللّحظة؟ وهل هذه المدّة محسوبة من عمر رئاستكم له أم لا؟

صادق: عدم تفعيل البرلمان من جديد يعود إلى عدم وجود أيّ إتّفاق بين الأحزاب السياسيّة على قضيّة رئاسة إقليم كردستان العراق، لأنّ الفترة التي مدّد فيها لمسعود بارزاني انتهت في 19 آب/أغسطس من عام 2015، وكانت هناك نيّة من جانب الأكثريّة في البرلمان لتعديل قانون رئاسة الإقليم بالکیفیّة التي تؤدّي إلی انتخاب رئیس جدید من البرلمان، وهذا ما لم يرق للحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ وزعيمه بارزاني. ولذلك، منعوا دخولي إلى محافظة إربيل، وهي مقرّ البرلمان، من أجل تعطيل عمل المجلس حتّى لا تتمّ عمليّة حلّ قضيّة رئاسة الإقليم وإنتخاب رئاسة جديدة. وفي 29 نيسان/إبريل من عام 2014، انتخبت رئيساً لبرلمان إقليم كردستان العراق، والمدّة القانونيّة لدورتنا الإنتخابیّة تنتهي في 6 تشرين الأوّل/اكتوبر من عام 2017، وفترة الانقطاع محسوبة من عمر البرلمان.

المونيتور: أنتم في "حركة التغيير" تسعون إلى ألاّ يبقى بارزاني في الحكم، ولكن حتّى اللّحظة هو رئيس الإقليم، ويقال إنّه الأقوى، ومن يعارضه غير قادر على إزاحته من السلطة، فما سرّ ذلك؟ وما أسباب بقائه حتّى الآن في منصبه؟

صادق: أنا لا أتحدّث باسم "التغییر" کوني رئیس البرلمان، ولکن لم يحاول أيّ أحد إزاحة بارزاني من الحكم، رغم انتهاء مدّته القانونيّة في عام 2013، وبسبب عدم تخلّيه عن السلطة مدّدوا له سنتين أخريين. بقاء نفوذ للأحزاب السياسيّة داخل القوّات المسلّحة يؤدّي إلى استخدامها لفضّ النزاعات السياسيّة في الإقليم، وبقاء بارزاني في رئاسة الإقليم غير قانونيّ، لأنّ حسب قانون التمديد الذي صدر في عام 2013، يتمّ التمديد لسنتين غير قابلتين للتجديد، وهذا التمديد صيغ بورقة من الإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ والحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ في الدورة البرلمانيّة الماضية. وخلال الدورات الشرعيّة لبارزاني، لم ينافسه أيّ من الأحزاب السياسيّة في الإقليم على الرئاسة، رغم وجود مرشّحين مستقلّين، ولكن لم تدعمهم الأحزاب، ولم تكن هناك نيّة لإزاحته عن السلطة، ولكن مدّته القانونيّة انتهت، وعليه أن يمتثل للقانون.

المونيتور: بسبب الأزمات السياسيّة غير المعلنة في شكل كبير داخل الإقليم، هل تعتقد أنّ الإقليم على طريق نشوب حرب أهليّة جديدة أو حدوث تقسيم بين محافظاته؟

صادق: في إقليم كردستان هناك سيطرة من قبل حزب بارزاني على محافظة إربيل بإعتبارها عاصمته. ولذلك، فإنّ المؤسّسات الحكوميّة في إربيل تحت سيطرة حزبه. هناك إمكانيّة ومساع لتحويل الصراع السياسيّ إلى مسلّح، لأنّ هناك أحزاباً سياسيّة لديها نفوذ على بعض القوّات المسلّحة في الإقليم، وتعمل أحياناً على استخدامها لضرب الخصوم أو المنافسين، وهذا حدث معي عندما جاءت قوّة كبيرة من المسلّحين لمنع دخولي إلى إربيل، ولو قمت بالعمل نفسه وطلبت قوّة مسلّحة لكان وقع اقتتال، لكنّي لم أتعامل بالطریقة نفسها وأقم بجلب قوّة مسلّحة لإزاحتهم عن طريقي ودخول إربيل، فالصراع بين حزبي الديمقراطيّ الكردستانيّ بزعامة بارزاني والإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ بزعامة جلال طالباني، اللذين يمتلكان نفوذاً كبيراً داخل القوّات المسلّحة الكرديّة، يمكن أن يؤدّي إلى قتال مسلّح.

المونيتور: هل تعتقد أنّ قوّات البيشمركة الكرديّة هي قوّات للعوائل الحاكمة أو للعائلة الحاكمة أم أنّها قوّات للشعب الكرديّ أجمع؟ وهل هناك مشاكل داخل هذه القوّة من ناحية بسط نفوذ أشخاص أو أحزاب؟

صادق: قوّات البيشمركة للجميع ولكلّ الشعب الكرديّ، فهي دافعت ببسالة عن كلّ المكوّنات في إقليم كردستان، وحتّى في المناطق المتنازع عليها. تموّل البيشمركة من الموازنة العامّة للبلاد، لكنّ هناك أجندات سياسيّة وحزبيّة لاستخدام بعض من هذه القوّات من أجل مصالح حزبيّة وشخصيّة. وهناك استياء داخل البيشمركة من هذه الممارسات، ويجب أن يتمّ قطع النفوذ السياسيّ للأحزاب داخل هذه القوّات.

المونيتور: المناداة باستقلال إقليم كردستان العراق وإعلان الدولة الكرديّة يبدوان أنّهما حلم كلّ كرديّ، ولكن هل ترى كتلة "التغيير" أنّ الوقت مناسب لإنشاء دولتكم أم أنّكم تفضّلون الآن البقاء ضمن العراق؟ وهل دعوات بقيّة الأحزاب الكرديّة إلى إعلان الدولة في هذا الوقت مدروسة أم هي ردّات فعل لا أكثر؟

صادق: إنّ هدف كلّ كرديّ أن يكون لديه كيان مستقلّ كبقيّة القوميّات الأخرى مثل الفرس والعرب والترك، لكنّ الدولة تبنى ولا يتمّ إعلانها. يجب أن تكون هناك بنية تحتيّة ومؤسساتيّة وسياسيّة لبناء الدولة. وبعد ذلك، يتمّ التفاوض مع الحكومة الإتحاديّة لإعلان الدولة. هناك تعقيدات على المستوى الداخليّ، إذ لا توجد مؤسّسات ولا وضع إقتصاديّ جيّد، وإنّ موظّفي الإقليم لم يستلموا رواتبهم منذ ستّة أشهر. وإضافة إلى كلّ هذا، هناك تعقيدات دوليّة تحتاج إلى حوار لحلّ الخلافات في العراق.

المونيتور: هل سنشهد ولادة جيل سياسيّ كرديّ من الشباب ينوب أو يتسلّم زمام الأمور من رجالات الخطّ الأوّل، أم أنّ نفوذ الكبار المعلن سيستمرّ؟

صادق: تنصيبي رئيساً لإقليم كردستان العراق، وأنا من أحسب على جيل الشباب، كان خطوة جيّدة جدّاً، ولكن حتّى الآن هناك صعوبات جمّة في طريق الشباب للوصول إلى المراكز المهمّة وإدامة السلطة فيها.

المونيتور: كيف تقيّمون علاقة الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ بتركيا؟ وهل ترونها لصالح الإقليم على عكس تصريحات قياديّين في حركة "التغيير" يرونها ذات مصالح شخصيّة؟

صادق: نريد علاقات صداقة إيجابيّة مع دول الجوار، ولكن بناء علاقة من نوع خاص مع أيّ من الدول الإقليميّة على حساب دول أخرى أو مكوّن آخر أو حزب آخر في الإقليم يؤدّي إلى تقسيم القرار والموقف الكرديّ. وإنّ إدخال الصراعات الإقليميّة في الإقليم ليس من صالح كردستان وحتّی العراق، وليس من صالحه أن تختلف مواقف أحزابه تجاه الأزمات الدوليّة والإقلیمیّة، لأنّها قد تتسبّب بتصدّعات دينيّة ومذهبيّة وقوميّة، وهذا يؤدّي إلى كارثة. ولذا، فإنّ العلاقة يجب أن تكون مع الجهات الرسميّة، ويجب أن يكون هناك أيضاً توازن وعدم جرّ الإقليم إلى نزاعات إقليميّة.

المونيتور: هناك مشروع خطّ للنفط بين إقليم كردستان وإيران من أجل تصدير نفط الإقليم للأسواق العالميّة. برأيكم، كيف يمكن لهذا الخطّ أن يؤثر على الوضع السياسيّ في الإقليم، في ظلّ انقسام الرأي والمواقف لدى الأحزاب الكرديّة تجاه سياسة طهران؟

صادق: من الخطأ أن يتمّ الاستناد إلى النفط والغاز كمصدر لتمويل الموازنة، بإعتبار أسعار النفط غير ثابتة. ومن الخطأ أن يكون الإقليم أسير الدولة الوحيدة التي يصدّر إليها أو عبرها النفط. ولذلك، هناك ضرورة للتنوعّ في التصدير والابتعاد عن الإعتماد على دولة واحدة. ومن صالح الإقليم أن تكون لديه علاقات جيّدة مع إيران وتركيا والعراق أیضاً في مجال الطاقة، لأنّنا شاهدنا فشله في المجال النفطيّ عندما صدّر النفط عبر تركيا فقط.

المونيتور: هل ستكون مدينة السليمانيّة، وهي مقرّ حزبي الإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ والتغيير، عاصمة لإقليم كردستانيّ جديد أم ستبقى إربيل هي العاصمة الوحيدة لكرد العراق؟

صادق: من الخطأ تقسیم الإقلیم إلی قسمین، فیجب أن نحاول أن يكون واحداً موحّداً، ولكن من الناحية الواقعيّة، فإنّه مقسّم إلى سلطتین وإدارتین، وخير دليل على ذلك ما حدث معي ومنعي من دخول إربيل، وهذا يدلّل على أنّ هناك سلطتين.

المونيتور: ما هي نسبة الفساد في إقليم كردستان العراق؟ وهل أثرّ على الوضع الإقتصاديّ؟ وهل هناك حلول للتخلّص منه؟​

صادق: هناك فساد كبير في المؤسّسات الحكوميّة داخل الإقليم. وبين عامي 2004 – 2013، خصّصت الحكومة الإتحاديّة ميزانيّة قدرها 107 مليارات دولار أميركيّ للإقليم، عدا الإيرادات المحليّة مثل الضرائب والجمارك والنسب، التي تأتي من العقود النفطيّة التي تساوي تقريباً 7 مليارات دولار أیضاً، لكنّها لم تأت بأيّ فائدة کبیرة للمواطن الكرديّ. الإقليم اليوم عليه ديون تفوق الـ20 مليار دولار، ولا وجود لمشاريع استراتيجيّة فيه. الفساد موجود ومستشر فيه، ولو عادت الأموال التي أهدرت لكان وضعه الآن أفضل من الناحية الإقتصاديّة. تصلني تقارير من أعضاء البرلمان تشير إلى أنّ بعض الآبار النفطيّة في الإقليم حُجز لأشخاص لهم نفوذ يبيعون النفط، كأنّه ملكهم.

Last Update:: 17/01/2017
Iraq Directory