يقول علي البزاز المتخصص بالشؤون المالية ويعمل لصالح شركة مينا كابيتال وهي شركة استثمارية تركز أعمالها على بلدان الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بما فيها العراق إن العراق يمتلك إمكانات ضخمة وثروة هائلة من الطاقة، إلى جانب احتياجاته الكثيرة بعد مروره بعقود من الحروب والعقوبات، وجذبه مختلف الشركات المهتمة بتطوير قطاع الغاز والنفط وإعادة بناء البلد عموما. لكنه لسوء الحظ، فان عودة ظهور أعمال التمرد تسبب المخاوف للأموال الأجنبية.
في حوار مع البزاز حول آفاق ومخاطر الاستثمار في العراق، والاستثمار في قطاعات أخرى غير القطاع النفطي، قال "لقد حظي قطاع الإسكان والإنشاءات ببعض الاستثمارات الأجنبية الخاصة تحديدا في إقليم كردستان الذي يشهد الكثير من التطور في قطاع الإسكان، من فنادق الخمسة نجوم الى مولات التسوق و اليوم مشروع إعمار وسط مدينة أربيل، لكن للأسف فان الصورة في بقية أنحاء العراق ليست وردية كما هي في الإقليم، فهناك استثمارات في الفنادق وبعض مشاريع الإسكان رفيعة المستوى تم توقيعها ويمكن مشاهدة علامات النشاط الإعماري في بغداد حيث جرى افتتاح بعض المولات الا ان الاستثمارات الأجنبية لاتزال محدودة رغم احتياج العراق الى 3 ملايين وحدة سكنية .
قطاع الكهرباء حظي ولازال بالكثير من الاستثمارات. في حين ان اغلب تلك الاستثمارات جاءت من الحكومة العراقية للحصول على عقود هندسية ومشتريات وإنشاءات ( 4.7 مليار دولار لمشاريع الكهرباء في ميزانية 2014 ) ، وتم تنفيذ مشاريع مستقلة لإنتاج الطاقة في إقليم كردستان و بدأ استخدامها في أجزاء أخرى من البلاد .
حول جنسيات الشركات التي تستثمر في العراق، يقول البزاز: ان "هناك حضوراً كبيراً للشركات الآسيوية من الصين و كوريا الجنوبية وأقل منها من اليابان وغيرها، وهي فاعلة في قطاعات النفط والغاز والأعمار والكهرباء. اما الشركات الإيرانية فإنها منخرطة في عدد من القطاعات وهي – مثل الشركات التركية و الخليجية – تعتبر شركات تصدير كبيرة للعراق . الشركات الأوربية والأميركية موجودة أيضا لكن ليس الى الحد الذي وصلته الشركات أعلاه " .
وبشأن القضايا التي تواجهها الشركات الأجنبية مع قطاع المصارف والتأمين، يقول: "لايزال القطاع المصرفي في العراق بدائيا الا انه يتحسن بشكل بطيء. الشركات الأجنبية قادرة على استخدام مصارف أهلية أفضل لإدارة المدفوعات و الرواتب وعمليات تصريف العملة الأجنبية، كما انها توفر رسائل ائتمان ورسائل ضمان الخ.
ويشير الى ان خدمات المصارف الحكومية ضعيفة جدا ولا يمكن استخدامها بشكل فاعل باستثناء المصرف التجاري العراقي. القضية الكبرى هي تطوير قطاع المصارف. قسيمة الرصيد في اغلب المصارف الأهلية صغيرة جدا ولا تصلح الا للمشاريع الصغيرة. في مجال التأمين تتمكن الشركات الأجنبية من الحصول على تغطية لكنها تشتريها من خارج العراق لأن السوق المحلي غير متطور بما يكفي.
الروتين والفساد أمر شائع في العراق، وحول هذا الموضوع يقول البزاز "بالنسبة للروتين، انصح الشركات بالعمل مع افضل المستشارين المحليين المحترفين الذين يشاركون الشركات الأجنبية، وعلى كل شركة ان تختار شريكا متمرسا، فاعلا و محترما . كما أنصحها ان تضع توقعاتها منذ بداية العملية وان تتحلى بالصبر.
أما الفساد فانه مستشر في البلاد، الا ان الشركات دائما ما تجد أساليب لتجاوزه في البلدان الفاسدة ويمكن للشركات إجراء أعمالها في العراق دون اللجوء الى الفساد . بعض الوزارات والحكومات المحلية أفضل من غيرها ، لذا فمن المهم للشركات و المستثمرين ان تكون حكيمة وتعرف مع أي الأطراف تتعامل أو تتفق . يمكن للشركات التقليل من السلوك الريعي من خلال الاستفادة من دعم الحكومات المحلية و الانخراط مع أصحاب المصلحة من العراقيين ( العشائر ورجال الدين والمجموعات المدنية ) الذين من الممكن ان يقدموا لها المساعدة في هذا المجال . بالنسبة للرشاوى و غيرها من الممارسات غير القانونية ، على الشركات ان تهتم كثيرا بتوظيف و تدريب الكوادر المحلية وان تكون واضحة بشأن السلوك المقبول. شركات التدقيق و الرقابة الدولية الكبرى تعمل اليوم في العراق وهي قادرة على توفير الرقابة الداخلية و طمأنة الشركات العاملة .
المناطق في إقليم كردستان وفي الجنوب بقيت الى حد ما بعيدة عن العنف، فهل ستستمر في استقبال الشركات الأجنبية أم ان القتال سيخيف الشركات بشكل عام من العراق ؟ يقول البزاز : ان إقليم كردستان ليس فقط لم يتأثر بل قد يعزز استقراره أكثر بالمقارنة مع بقية أنحاء العراق. اعتقد ان الشركات و الاستثمارات ستستمر في الإقليم بل إنها ستزداد . اما جنوب البلاد فانه يتأثر بأعمال العنف الأخيرة لكن بدرجة أقل من بقية مناطق البلاد وستستمر الشركات الأجنبية بالمجيء الى هذا الجزء من البلاد بسبب نطاق الاستثمار في قطاع النفط والغاز ، وزيادة إيرادات المحافظات والدخل المحلي ، والأمان النسبي، وبسبب قربه من الخليج العربي.